كم مرة فاجأتها و هي جالسة بين ألعابها و عرائسها، تهامسهم و يهامسونها همسا و تتمتم و يتمتمون تمتمة ، و كم مرة حاولت الإصغاء إليها و معرفة ما كانت تلهج به دون أن تتفطن إليكنت أود أن أدخل في عالمها الصغير الذي صنعته من كل ما هو محيط بها دون أن أقطع حبل أفكارها أو أوجه نهر خيالها لمسار أنا أبغيه من دونهاكنت جد سعيد بأن تكتشف قوة الخيال وتنمي قدرتها على التخيل و استنباط الأفكار و خلق الشخصيات و تنسيق الأدوار فيما بينها.

كانت رغم صغر سنها ترسم لنفسها حدودا ليس لي أو لأمها الحق في تجاوزها، و بدأت و بخطى حثيثة تأخذ رويدا رويدا استقلاليتها عني لتكون لنفسها ملامح شخصيتها الخاصة بهاكم مرة لامتني أمها و كل من عرفني عن مدى ارتباطها و تعلقها بي، كانت مرتبطة بي لدرجة أنها لا تكاد تطيق لي  فراقا، كما كانت و ما زالت تلازمني كالظل أينما  حللت

لاحظت هوايتها و لعبتها الجديدة مأخرا، فهي في العادة و بعد أن أعود من يوم عمل شاق، كانت تروم البقاء مرتمية بين أحضاني، أو ملاصقة لي أمام شاشة الحاسوب محاولة افتكاك الفأرة من يدي ، لكن في الآونة الأخيرة صارت أقل محاصرة لي، فبالرغم من كونها كانت حريصة على أن أكون في الجوار إلا أنها نادرا ما تبادلني الحديث، معطية كامل وقتها و جهدها في خلق علاقة بين دماها أو بين الملاعق أو حتى بين الولاعات. مستمدة حديثها مما قد حفظته مني أو من أمها أو من الروضة.

بقيت لأيام تعيد أمامي مسرحية حادثة الطريق على ركح الطاولة. فقد كانت شاهدة منذ أيام هي و أخاها على حادث سير كان ضحيتها شاب في مقتبل العمر. أثرت فيها الحادثة لدرجة أنها في كل مرة تعيد تمثيل القصة مع دماها كانت لا تكاد تنسى تفصيلا،بل و ما أعجبني فيها هو كيف كانت تخاطبهم الدمىو تأمرهم بألا يسيروا وسط الطريق خوفا من أن يتعرضوا إلى حادث كما حدث للشاب.

مخيلتك ابنتي هي ما سيميزك عن الآخرين، و هي تلك الأرض التي كلما اعتنيت بها و حرثتها و سقيتها أنبتت لك ثمرا يافعا نافعا، سيكون لك زادا حين تكبرين.

في الفيديو أسفله، رنيم و هي تحادث ولاعتين، لم تتفطن إلي بادئ الأمر و أنا أصورها لكن لما تفطنت إلي احمرت وجنتاها خجلا و غرست برأسها بين أحضان أمها

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.