وقف محملقا في حافظة نقودي في حافظة نقودي المكتنزة بما ثقل ميزانه  بخس ثمنه ، من القطع البيضاء المصطكة بمثيلتها الصفراء ، محدثة رنينا كذابا مواريا قلة ذات اليد. كنت أبحث عن ثلاث قطع صفراء أمدها له مقابل وريقات أدعية لم أقرأ محتواها إلى حد الآن. سحنته السمراء و ثيابه المغبرة و حبيبات العرق المتقاطرة على جبينه تدل على أنه كان يتجول منذ فترة طويلة، لم يبلغ من العمر الأربعة عشر و كان قدر له أن يكون عائلا لعائلة توفي ربها. كان قد انقطع عن الدراسة منذ أن توفي والده في العام الفارط ليعول أمه و أخته. كانت أخته بنت الثمان سنوات تنتظر أخاها جالسة على عتبة الكرنيش مراقبة هي الأخرى تقلب أصابعي بين القطع النقدية منتظرة خروج العروسة من المحفظة. كانت اجاباته مقتضبة لكنها صادقة، و كانت نظارته المتراوحة بين محفظتي و أخته تفوح حنانا و غيرة عليها. أعطيته ما كتب له أن يأخذ، رجوت لهما السلامة ثم مضى كل منا في حال سبيله متابعين تقمص ما أحيك لنا من أدوار في تمثيلية هذه الحياة البائسة. كانت صرخات الأطفال اللاهين تصلني من البحر الهائج، صرخات يطلقون بها عنان ما أكبت من جنون طيلة فصول ما قبل الصيف. كانت الفرحة تملأهم و الغبطة تفيض من عيون آبائهم الذين وقفوا عند حافة الشاطئ يتطعمون هدير البحر بجنون أبنائهم.

نظرت إلى ذينك البائسين

نظرت إلى نفسي

نظرت إلى أبنائي

و علمت مدى سطحية و ابتذال المسرحية، مسرحية الوطن الذي احتضن أبناءا برمله و بحره و شمسه، و قبر آخرين تحت طمر المهانة و الفقر و الخصاصة، لكنني و رغم غباء من ينادون بالوطنية أكملت دوري و سرت بين أولئك المبتسمين محاولا الابتسام مثلهم متحديا معهم أصحاب النظارات السوداء و الملونة الذين يرمقوننا بكل ما أوتيت نظراتهم من معان الاحتقار و اللامبالاة .

poor_children

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.